|
محمد العرفى |
اقتباسات من كتاب كلام الليل مختارات من النصوص والكتابات الساخرةأن تعشق، أن تمرض، يعني أن تصبح نحيلاً، يعني أن تعجر عن رفع كوب الماء، يعني أن تبتلع الأقراص بصعوبة، يعني أن تنكمش كلما فتشوا عن وريدك. أن تصبح نحيلاً يعني أن تتسع ملابسك يعني أن تهديدها لأخيك الصغير، يعني أن تردد دائماً كم يبدو وغداً وهو يرتدي ملابسي، أن تهدي قلبك لامرأة يعني أن تمضغه مع علكتها يعني أن تجعل منك بالوناً كبيراً يعني أن تنفجر أنت كي تبتسم هي نصف ابتسامة. أن تنفجر يعني أنك ستصبح حزيناً يعني أنك قد تصاب بجلطة أو تصاب بشلل رعاش، يعني أن يدك ستعزف لحناً مقيتاً على سطح مكتبك، يعني أنك ستقضي بقية عمرك تتراقص بلا سبب، يعني أنك لن تستطيع ارتداء بنطالك وحدك، يعني أنك قد تدخل قدمين في قدم واحدة منه، أن تعشق فأنت تفعل بنفسك أكثر من ذلك بكثير. أجواء منتصف الحزن سريعون نحن في زمن رتيب مكتوبة أقدارنا فوق نافذة قطار تمضي حقولنا الخضراء دون أن تسر الأعين، نهرم ولا يتذكرنا شيخ التاريخ لأن ابتساماتنا عابرة لا تدوم تحياتنا الصباحية مملة حد الغثيان، وأوقاتنا السعيدة يكدرها ميقات الإعدام، وأصواتنا عالية كمئذنة، وفعلنا منخفض كحظيرة، ونضاجع الحقيقة في خيالنا، حتى إذا استيقظنا، تكومت لا إرادياً في ركن قصي بعيد. ومن الوفاء، فإنه قد يكون هناك مروءة في الخصام، وأنا لا أكيل الاتهامات لأحد، ولأني لا أملك مكيالاً، ولم أتناول جرعتي من الكذب هذا الصباح، وغبائي بالغباء، وأني حملت مصباحي بسذاجة، وطفت في الطرقات باحثاً عن الحقيقة، وكنت صادقاً جداً، ولكني لست نبياً، وقد انتهى عصر الأنبياء. ولست ولياً لتتمسحوا بثوبي وقبري ولا أملك آنية أفرغها أمامكم فتنتصب الحقيقة لا يشوبها شائبة، وتسر الناظرين، وكان الظلام خلفنا يحطم قصورنا القديمة، ويطمس أضواءها ويبتلع معالمها وعلى مقربة منها تعج بالأمل، وقد خرجنا تاركين ظلالنا تعود للوراء من خلال الخطيئة وامتطاء المسافات بأقدام ضعيفة.
|
دار النشر | دار النشر |
---|---|
تاريخ النشر | 2016 |
عدد الصفحات | 93 |
القسم | أدب عربي |
ملاحظات | للإبلاغ عن رابط لا يعمل أو كتاب له حقوق |
شاهد أيضاً